من فتاوى العلماء الثقات حول الانشغال بتفسير الرؤى والمنامات
الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-يقول:
تعبير الرؤى ليس عن كون الإنسان عالماً أو ذكياً لكنه فراسة وممارسة للأشياء وربط الأشياء بعضها ببعض والعابرون للرؤيا قد يخطئون وقد يصيبون كغيرهم من الناس.
وبهذه المناسبة أود أن لا يهتم الناس كثيراً بما يرون في منامهم فتجد الإنسان إذا رأى شيئاً يسيراً يبحث عن من يعبره.
والمرائي ثلاثة أقسام:
- قسمٌ يكرهه الإنسان
- وقسمٌ يحبه ويرى أن فيه تفاؤلاً كبيراً
- وقسمٌ لا هذا ولا هذا
فالذي يحبه ويرى فيه تفاؤلاً كبيراً يخبر به من يحب فقط ولا يحب أحداً ولا يخبر به أحداً يبغضه لأنه قد يحسده على هذا.
وأما الذي يكره يعني بأن يرى رؤية مزعجة فدواؤها أن يستعيذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى ولا يخبر بها أحداً فإنها لا تضره .
وأما الأحلام الأخرى التي لا يكرهها ولا يحبها فهي أضغاث أحلام لكن لا ينبغي للإنسان أن يبحث وراء المرائي المنامية.
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8874.shtml
ــــــــــــ
وسئل - رحمه الله-: عن مدى صحة كتب تفسير الأحلام، مثل كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين رحمه الله؟
فأجاب بقوله: الجواب على هذا أني أنصح إخواني المسلمين عن هذه الكتب ألا يقتنوها ولا يطالعوا فيها؛ لأنها ليست وحيًا منزلاً وإنما هي رأي قد يكون صحيحاً، وقد يكون غير صحيح،
ثم إن الرؤى قد تتفق في صورتها وتختلف في حقيقتها، بحسب من رآها وبحسب الزمن، وبحسب المكان، فإذا رأينا رؤية على صورة معينة فليس معنى ذلك أننا كلما رأينا رؤية على هذه الصورة يكون تأويلها كتأويل الرؤية الأولى، بل تختلف، قد نعبر الرؤيا لشخص بكذا، ونعبر نفس الرؤيا لشخص آخر بما يخالف ذلك، فإذا كان هذا فإني أنصح إخواني المسلمين عن اقتناء هذه الكتب والمطالعة فيها.
وإذا جرى لإنسان رؤية فليهتد بما دله النبي - صلى الله عليه وسلم - إن رأى رؤيا خير يحبها وتأولها على خير، فليخبر بها من يحب، مثل أن يرى رؤيا أن رجلاً يقول له: أبشر بالجنة، أو ما أشبه ذلك فليحدث بها مَنْ يحب، وإذا رأى رؤيا يكرهها فليقل: أعوذ بالله من شر الشيطان، ومن شر ما رأيت، ولا يحدث بها أحدًا لا عابرًا ولا غير عابر، ولينقلب على جنبه الآخر إن استيقظ وإذا فعل ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند رؤيا ما يكره فإنها لن تضره أبدًا، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يرون الرؤيا يكرهونها، ويمرضون منها حتى حدثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث - صلى الله عليه وسلم - وجزاه عن أمته خيرًا فكانوا يعملون بما أرشدهم
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الشيخ الألباني -رحمه الله-يقول :
نذكِّر إخواننا جميعاً بأننا لا ننصحهم أن يهتموا بالرؤى إلا إذا كانت رؤىً يشعر الرائي لها بأنها من القسم الذي أثنى عليه رسول الله -صلى الله عليه وآله سلم - في الحديث الصحيح: ( الرؤى ثلاثة: فرؤيا من الرحمن، ورؤيا من الشيطان، ورؤيا من تحديث النفس )، فإذا كانت الرؤى ثلاثة أقسام، فواحدة إذن من الثلاث تكون رؤيا رحمانية، واثنتان منها لا وزن لهما؛ لأنها قد تكون من تلاعب الشيطان، أو في أحسن الأحوال من تحديث النفس...
سلسلة الهدى والنور688
سئل الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله-:
ما حكم تصدير الشخص نفسه لتعبير الأحلام والرؤى؟
فأجاب:
(( ما ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه بهذه الأمور، وإذا سُئل وكان عنده علم؛ يجيب.
وأما كون الإنسان يشغل نفسه بهذا، ويتصدر في هذا، ويشغل نفسه في الليل والنهار، والناس يشغلونه بأشخاصهم وبتلفوناتهم؛ يعني هذا يضيِّع على نفسه [خيرًا كبيرًا] )).
[تفريغًا من "شرح سنن ابن ماجه"، الشريط279، (54:20)]
ـــــــــ
قال الشيخ العلامة عبد الكريم الخضير -حفظه الله ونفع به-:
(( ... ما في شك أن كون الإنسان يصرف وقته وجهده لتأويل الرؤى، وينصرف عن علم الكتاب والسنة الذي هو أهم، نعم إذا جاء من غير تعب لا بأس، لكن كونه يصرف له الوقت والجهد، وتقرأ الكتب المؤلفة في هذا، ويتصدى لتأويل رؤى الناس، ويستغرق وقته كله وجهده، هذا لا شك أنه مفضول، ما الذي يحدث لو لم يجب الرائي؟ يعني شخص رأى رؤيا ما وجد في الأمة من يعبرها له، ماذا يصير؟
... الإنسان يصرف جهده لتأويل الرؤيا، ويتصدى لتأويل رؤى الناس في وقته كله، وينشغل بهذا عما هو أهم، يعني لو شخص سأل في بلدٍ كبير مملوء بالعلماء، وما وجد من يعبر له الرؤيا، يأثمون الناس كلهم؟
لا ما يأثمون!
ما [فيه] شك أنه [فيه] توسع في هذا، توسع في هذا الباب؛ حتى أن بعض من يؤول كأنه يُفتي بـ(قال الله وقال رسوله)، يجزم جزم بحيث لا يشك، ولا يتطرق إليه أدنى احتمال للنقيض، يُسأل فيجيب مباشرة، أحياناً قد يستفصل من السائل، وأحياناً مباشرةً يعطي الجواب!
أولاً: الرؤى تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأوضاع، فالذي يناسب هذا الشخص لا يناسب غيره، وكونه يحلف على شخص قد تكون ظروفه غير ظروف من ذهب وهمُه وظنُّه إليه، لا سيما وأنهم كثيراً ما يؤولون الرُّؤى بالهاتف، مع أن مظهر الشخص له دخل في تعبير الرؤيا.
لا نطيل في هذا؛ لأن الناس ارتكبوا هذا الأمر، ولا شك أن التعبير له شأن، وهو مما عرف به يوسف -عليه السلام-، وعرف به من المسلمين محمد بن سيرين، ويوجد في العصر الحديث مَن يتصدى لذلك، واشتهر بذلك.
لكن لا شك أن غيره من العلوم، العلوم التي تتعلق بالكتاب والسنة أولى من ضياع الوقت فيه، وإن كان له أصل في الشرع )).
مفرغًا من موقعه -حفظه الله-، من مادة في تفسير سورة الفاتحة
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-في "شرح العقيدة الواسطية/إثبات صفة الكلام لله" -مفرغا من موقعه-:
(( طالب: يسأل عن حكم مهنة تفسير الأحلام...........؟
والله كون الإنسان يتخذها مهنة ويتفرغ لها، ويأخذ عليها الأجر هذا ليس من عمل سلف هذه الأمة، فلا يعرف فيهم من نصب نفسه لهذا الأمر وعرف به دون غيره، عرف ابن سيرين بتعبير الرؤيا، لكن شهر بالتفسير شهر بالعلم أكثر بكثير، وما روي عنه وما صح عنه في هذا الباب لا يعادل ما يجلس له بعضهم في هذه الأيام جلسة واحدة، لا أقول يوم، جلسة واحدة يفسر أكثر مما أثر عن ابن سيرين في عمره كله، فهل يمكن أن يتمسك أحد بأن ابن سيرين عرف بالتعبير؟ عرف بالتعبير وأعطي من الإلهام ما يجعله ما يجعل تعبيره يكون صواباً، لكن مع ذلك ما تفرّغ لهذا، هو رجُل علم، رجل تعليم، رجل دعوة، رجل رواية، ما تفرّغ، ولا عُرِف في سلف الأمة من يتفرغ لا للرؤية ولا لتعبيرالرؤى..
لكن ((إن استطاع أحدكم أن ينفع أخاه فليفعل)) يعني إذا عرض عارض وجاء مريض، وقال طلب منك أن ترقيه ارقه، وتؤجر على هذا، ولكن تنصب نفسك لهذا الأمر، وتجعل هذا ديدنك، وهذا مصدر رزقك، وتجلس أحياناً يجلسون في المساجد، وذكر لنا أنه في مسجد من المساجد في غرفة ملفات ومواعيد ومراجعات، كأنها عيادة طبية صارت، وفي المسجد، هذا ما عرف عن سلف هذه الأمة..
نعم صحّ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه إذا صلى الصبح التفت إلى أصحابه وقال: ((هل رأى أحدٌ منكم رؤيا)) لكن هل هذا يسوغ لغيره، هو مؤيد بالوحي، ولا خصص نفسه لهذا الأمر.
الأمر الثاني: أن هذا ما عُرِف عن أبي بكر ولا عمر ولا خيار هذه الأمة، فكون الإنسان يفرغ نفسه لهذا الأمر، ليس على الهدي وليس على الجادة.
طالب:............؟
شوف يا أخي الأضغاث فُسِّرت، وتراهن اثنان على اختبار واحدٍ من العابرين فكذبوا، يعني ابتكروا رؤيا ما رأوها، وسألوا (واحدا) من العابرين وعبرها لهم، يعني رؤيا مكذوبة وعبرت ))
منقول من هذا الرابط
http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=42968
وهذه مقتطفات من خطبة الشيخ سعود الشريم جزاه الله خيرا وحفظه - تجدنها في الرابط أعلاه
مما قاله - حفظه الله -
وبعدُ –يا رعاكم الله-..
فلقد تكالبتْ هِممُ كثيرٍ من الناس في هذا العصر، بسبب الخواء الروحي الذي يتبعه الجزعُ والفَرَق، ونأيُ النفس عن تعلقها بالله وإيمانها بقضائه وقدره وبما كان ويكون، وأن شيئا لن يحدث إلا بأمر الله ومشيئته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، حتى لقد تعلَّقتْ نفوسُهم بالرؤى والمنامات تعلُّقًا خالفوا فيه من تقدَّمهم في الزمن الأول من السلف الصالح، ثم توسَّعوا فيها وفي الحديث عنها والاعتماد عليها، إلى أن أصبحت شغلَهم الشاغل عبر المجالس والمنتديات والمجامع! بل والقنوات الفضائية!!
إلى أن طغتْ على الفتاوى الشرعية، فأصبح السؤالُ عن الرؤى أكثرَ بأضعاف عن السؤال في أمور الدين وما يجب على العبد وما لا يجب!
كل ذلك إبان غفلةٍ ووَسْنةٍ عن ما ينبغي أن يقِفَه المؤمنُ تجاهَ هذه الرؤى، وأنّ هناك هديًا نبويًا للتعامل معها ينبغي أن لا يتجاوزه المرءُ فيطغى.. ولا يتجاهلَه فيعْيى؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تركَنا على المحجة البيضاء، فأغنانا في الحديث عنها عن إتعابِ النفْس في التعلق بها والسعي الدؤوب في معرفة تأويلها، بلْهَ التعلق بها والاعتماد عليها، وما تهافتُ الناسِ في السؤال عنها بهذه الصورة المُفْرطة إلا لونٌ من ألوان الخروجِ عن الإطار المرسومِ والتوازن المتكامل، فتجد أحدَنا يرى الرؤيا -أيًّا كانت- فتضطرب لها حواسُّه! وترتعد منها فرائصُه! وتُحبَس أنفاسُه! فلا يطفئ ذلك إلا البحث بنَهمٍ عن عابرٍ لها ليَعْبُرَها، حتى يظهر له أشرٌّ هي أم خير.
ولو وقفَ كُلّ واحدٍ منا عند الهدي النبوي مع الرؤى، لَمَا رأينا مثل هذه الجَلَبة ولا مثل هذا التعلّق الشاغل، الذي استثمرته بعضُ المجامعِ والمنتديات، فضلًا عن الفضائيات التي جعلته وسيلةَ جلْبٍ واستقطابٍ لمشاهِدِيها من خلال هذا الطُّعْم الْمُهَوِّع.
......
ثم قال :
إنّ من باب الإنصاف والمصارحة والنصح، أنْ لا نُلْقيَ باللائمة كلها في موضوع الرؤى والإفراط فيها على آحاد الناس فحسب، بل لا بد من تعديةِ الأمرِ إلى العابرين أنفسهم الذين يعبُرون الرؤى، إذ عليهم مسؤوليةٌ عظمى تجاه الرائين.
فلا بدّ للعابر أن يكون عالمًا بهذا العلم العظيم، وأن يدركَ المصالح والمفاسد في هذا الميدان، وأن لا ينصِّبَ نفسه للفتيا في الرؤى ويتطلَّع إليها، لا سيما عبر الشاشات وفي المجامع الكبيرة.
فتعبير الرؤى قرينُ الفتيا، وقد قال الملكيا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِى فِى رُؤْيَـاىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) يقول ابن القيم رحمه اللهالمفتي والمعبِّر والطبيب يطَّلعون من أسرار الناس وعوراتهم على ما لا يطّلع عليه غيرهم، فعليهم استعمال الستر فيما لا يَحْسُن إظهارُه).
ثم إنّ على العابرين أن لا يتسارعوا في التعبير، وأن لا يجزموا بما يعبرون، وأن يعلموا خطورةَ هذا الجانبِ وما يوصله إليه من الافتتان والإعجاب بالنفس وتعظيم شأنه فوق شأن المفتين وأهلِ العلم، وقد نقل ابنُ عبد البر عن الإمام مالك أنه سئل: (أيعبُر الرؤيا كلُّ أحد؟) فقال مالكأبالنبوة يُلعَ؟!).
وقد نقل ابنُ عبد البر أيضا عن هشام بن حسان أنه قالكان ابن سيرين يُسألُ عن مئة رؤيا فلا يجيب فيها بشيء إلا أنه يقول: اتق الله وأحسِن في اليقظة فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم، وكان يجيب في خلال ذلك ويقول: إنما أجيب بالظن، والظن يخطئ ويصيب)
فإذا كان هذا هو قولَ إمام المعبرين في زمانه وما بعده من الأزمان، فما الظن بمن جاء بعده؟!
إننا لنسمع بالمعبِّر يُسأل عن ألف رؤيا لا تسمع مرةً يقول: لا أدري! أو يقول: هذه أضغاث أحلام! أو يقول: هذه حديث نفس... إلا من رحم ربُّك!
كما أنّ على العابرين أن يدركوا خطورةَ تعبير الرؤى من خلال الشاشات التي يراها الملايين من الناس، وكذا المجامع الممتلئة بالحشود وذلك للأمور التالية:
أولها: أنّ الانفتاح المطلَق في التعبير نوعُ فتنة من أجل حديثه في أمور الغيب، لا سيما أن أحدًا لا يستطيع أن يجزمَ بصحة ما يقول العابر من عدمه، إلا من رأى ذلك في واقعه، وهذا شبْه متعسِّر عبر الشاشات.
وثانيها: تعذّرُ معرفة حال الرائي عبر الشاشات والمجامعِ من حيث الاستقامة من عدمها، وهذا له صلةٌ وثيقةٌ بتعبير الرؤيا، فابن سيرين سأله رجلان -كل منهما رأى أنه يؤذِّن-، فعبرها للصالح منهما بالحـج لقوله تعالىوأَذّن فِى النَّاس بِالحَجّ) وعبرها للآخر بأنه يسرق لقوله تعالىثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذّنٌ أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُون)
والشاطبي -رحمه الله- يقول في مثل هذه الحالةفمتى تتعين الصالحة حتى يُحكمَ بها وتترك غير الصالحة؟).
وثالثها:عدم إدراك عقول الناس لطريقة بعض العابرين للرؤيا لا سيما عبر الشاشات والمجامع، بحيث يكون تعبيرهم بصورة تجعل المستمعَ الجاهلَ لأول وهلةٍ يقول: هذا تكهّن أو تخمين أو عرافة! ونحن قد أُمِرْنا بمخاطبة الناس على قدر عقولهم
فقد أخرج البخاري في صحيحه قول علي -رضي الله عنه-حدّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله؟!)
وعند مسلمٍ عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قالما أنت محدّث قوما حديثًا لا تبلغه عقولُهم إلا كان لبعضهم فتنة).
رابعها: أنّ درءَ المفاسد مقدمٌ على جلبِ المصالح، فالمفسدةُ من خلال التعبير عبر الشاشات أشدّ من مصلحته لأمورٍ لا تخفى على متتبِّعها، لا سيما أنها في أمورٍ غيبية، وأنّها كالفتوى، والسلف الصالح كانوا يتدافعون الفتوى ما استطاعوا، ناهيكم عن بعض الفساد المتحققِ من خلال ما يشاهَدُ ويُسْمَع من تعبير رؤيا لفتاةٍ –مثلًا- بأنها ستفشلُ في نكاحها، أو لامرأة تعبَّر لها بأنّ زوجها تزوج عليها سِرًّا بامرأة أخرى! فما ظنكم بحال الأولى والأخرى؟! فهذه تترقبُ الفشلَ في كلِّ حين مع ضيق نفْسِها وانشغالِ بالها، وتلك باهتزاز كيانها والشك في زوجها المرة تلو الأخرى! ناهيكم عن من يَرَينَ مثلَ هذه الرؤى فيكتفين بما سمعنَه من تعبيرٍ لغيرهم فيقِسن عليه دون الرجوع إلى عابرٍ عالمٍ اكتفاءً بما سمعنَه أو شاهدنَه، فتكون الطامةُ حينئذٍ! وقولوا مثل ذلك فيما يراه الرجال والشباب!
..........
وأمّا ما يحتجُّ به بعضُ الناس من أن مسلمًا روى في صحيحه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان كثيرًا ما يسألُ أصحابه بعد الفجر فيقول: من رأى منكم رؤيا؟ فالجوابُ عن هذا من وجوه:
الوجه الأول: أنّ هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتعبيرُه حقٌّ لا يشوبُه شائبة.
الوجه الثاني: أن تعبيره كان في مسجدٍ يحضره عددٌ ليس كالأعداد التي تُعَدُّ بالملايين حينما تشاهد التعبير عبر الشاشات! وما ظنكم بحضورٍ عند رسول الله من الصحابة العقلاء الفضلاء مقارنةً بحضور عند غيره؟!
فأين الثرى من الثريا؟!
الوجه الثالث:أنه لم يَثْبُت عن أحدٍ من الصحابة -كالخلفاء الأربعة ولا من بعدهم من التابعين- أنه كان يفعل في المسجد كما كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يفعل، لا سيما أبو بكر -رضي الله عنه-، وقد شَهِد له النبي–صلى الله عليه وسلم- بأنه عارفٌ بتعبير الرؤى، وهو معدودٌ من المُعبرين عند كثير من أهل العلم.
ألا فاتقوا الله -معاشر المسلمين-، وراقبوه في السر والعلن، والقصدَ القصدَ تُفْلِحوا.
ثم إن الرؤى قد تتفق في صورتها وتختلف في حقيقتها، بحسب من رآها وبحسب الزمن، وبحسب المكان، فإذا رأينا رؤية على صورة معينة فليس معنى ذلك أننا كلما رأينا رؤية على هذه الصورة يكون تأويلها كتأويل الرؤية الأولى، بل تختلف، قد نعبر الرؤيا لشخص بكذا، ونعبر نفس الرؤيا لشخص آخر بما يخالف ذلك، فإذا كان هذا فإني أنصح إخواني المسلمين عن اقتناء هذه الكتب والمطالعة فيها.
وإذا جرى لإنسان رؤية فليهتد بما دله النبي - صلى الله عليه وسلم - إن رأى رؤيا خير يحبها وتأولها على خير، فليخبر بها من يحب، مثل أن يرى رؤيا أن رجلاً يقول له: أبشر بالجنة، أو ما أشبه ذلك فليحدث بها مَنْ يحب، وإذا رأى رؤيا يكرهها فليقل: أعوذ بالله من شر الشيطان، ومن شر ما رأيت، ولا يحدث بها أحدًا لا عابرًا ولا غير عابر، ولينقلب على جنبه الآخر إن استيقظ وإذا فعل ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند رؤيا ما يكره فإنها لن تضره أبدًا، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يرون الرؤيا يكرهونها، ويمرضون منها حتى حدثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث - صلى الله عليه وسلم - وجزاه عن أمته خيرًا فكانوا يعملون بما أرشدهم
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين