تأتي ( رأى ) لمواضع مختلفة :
1 ـ رأى العلمية أو الاعتقادية ، وهي فعل من أفعال القلوب وتفيد في الخبر الرجحان واليقين أحياناً أخرى ، وينصب مفعولين أصلهما في الأكثر المبتدأ والخبر ، وهي بمعنى ( علم ) أو ( اعتقد ) .
نحو قوله تعالى ( إنهم يرونه بعيداً ، ونراه قريباً )(المعارج : 6 ـ 7) .
فيرونه الأولى تفيد الظن ، ونراه الثانية تفيد اليقين .
2 ـ رأى البصرية ، أي بمعنى أبصر بعينه ، وتنصب مفعولاً به واحداً .
نحو : رأيت الطائرة في السماء .
3 ـ رأى الحلمية ، أي الرؤية في المنام ، وتتعدى لمفعولين .
كقوله تعالى ( إني أراني أعصر خمراً )(يوسف : 36) .
فالياء في أراني مفعول به أول ، وجملة ( أعصر خمراً) في محل نصب مفعول به ثان . ومنه قول عمر بن أحمر :
أراهم رفقتي حتى إذا ما *** تجافى الليل وانخزل انخزالاً
وقد توهم البعض أنها لمفعول به واحد فقط ، فالضمير في أراهم في محل نصب مفعول به أول ، ورفقتي مفعول به ثان .
4 ـ ورأى من الرأي ، وهو المذهب ، تتعدى لمفعول به واحد .
نقول : رأيت رأي فلان .
ونحو : رأى أبو حنيفة حل كذا .
قال ابن منظور في لسان العرب :
قالوا أَرى ورأَى ، مقتضاه أَنّ أرى مقلوب من رأى كما ان باء مقلوب من بأى، ولا تنظير بين الجانبين كما لا يخفى فضلاًعن أن أرى ليس من المقلوب وإن اوهم لفظُه ذلك والصواب «كما قالوا راءَ من رأى».اهـ
وقال ابن منظور أيضاً :وقول أَبي ذؤيب:
رآها الفُؤادُ فاستَضَلَّ ضَلالَه *** نِيافاً من البيضِ الحِسانِ العِطائِلِ
رأَى ههنا من رؤية القلب وقد بينه بقوله رآها الفؤاد والمفعول الثاني نيافاً، وقد يكون نيافاً حالاً كأَنه لما كانت محبتها تلي القلب وتدخله صار كأَن له عينين يراها بهما .اهـ
وقال الفيروزآبادي في القاموس المحيط :
ورَاءَ: لُغَةٌ في: رَأَى، والاسْمُ: الرِّيءُ، بالكسر.اهـ
قال في مختار الصحاح :
رَ أَ ى: الرُّؤْيَةُ بالعين تتعدى إلى مفعول واحد ، وبمعنى العلم تتعدى إلى مفعولين ، و رَأَى يرى رَأْيا و رُؤْيةً و رَاءَهً مثل راعة ، و الرَّأْيُ معروف وجمعه آراءٌ و أَرْءَاءٌ أيضا مقلوب منه .
و رَئِيُّ من الجن أي مس .
ويقال رَأَى في الفقه رَأْياً .
وقد تركت العرب الهمز في مستقبله لكثرته في كلامهم وربما احتاجت إلى همزه فهمزته قال الشاعر :
ومن يتمل العيش يَرْءَ ويسمع
وقال آخر :
أُرِي عيني ما لم ترأَياهُ *** كلانا عالم بالترهات ....
و رَأَى في منامه رُؤْيَا على فُعلى بلا تنوين وجمع الرؤيا رُؤًى بالتنوين بوزن رُعًى وفلان مني بمَرْأًى ومسمع أي حيث أراه وأسمع قوله.اهـ