الجوازات الشّعريّة:
/- تعريف الجواز: تعني الجوازت الشّعرية مخالفة القواعد النّحويّة والصّرفية بسبب قيد الوزن والقافيّة وهي مخالفة مسموح بها وهذا للضّرورة الشّعريّة لأنّه يجوز للشّاعر ما لا يجوز لغيره.
/-. أنواع الجوازات الشّعريّة: تنقسم الجوازات الشّعرية الى أقسام عديدة منها:
1. تسكين المتحرّك، وتحريك السّاكن:
أـ تسكين المتحرّك: كقول ايليا أبي ماضي:
سمع اللّيل ذو النّجوم أنينا • وَهْوَ يغشى المدينة البيضاء
يتمثّل الجواز الشّعري في قوله (وَهْوَ) حيث سكّن الضّمير المنفصل ليستقيم الوزن من بحر الخفيف وتفعيلته: " فاعلاتن ". وكذلك قول الشّاعر أبي العلاء المعرّي.
إنّ الشّبيبةَ نارٌ إنْ أردتَ بها • أمْراً فبادرْه إنَّ الدَّهر مُطْفِيهَا
يتمثّل الجواز الشّعريّ في قوله " مُطْفِيهَا " حيث جاءت ساكنة، وهي في الأصل متحرّكة فنقول " مُطْفِئُهَا " على اعتبار أنّها خبر إنَّ. إذن فقد سكّن المتحرّك حتّى يستقيم له الوزن. ومن ذلك قول محمّد العيد آل خليفة:
أدعوكم للوفاق فَهْوَ يدٌ • تردّ عنّا يداً خشيناها.
ب ـ تحريك السّاكن: ومنه قول المتنبّي:
إنَّ الحمّامين من بيضٍ ومن سُمُرٍ • دَلْوَا الحياتين من ماءٍ ومن عُشُبِ.
فقد اضطرّ الشّاعر بدافع الحفاظ على الوزن إلى تحريك السّاكن في قوله " سُمُرٍ " والتي أصلها " سُمْرٍ "، وكذلك في تحريك السّاكن في حرف الشّين في قوله " عُشُبِ " والتي أصلها " عُشْبِ ".
2. تخفيف المشدّد، وتشديد المخفّف:
ـ تخفيف المشدّد: ومنه قول الشّاعر:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد • وشفتْ أنفُسنـا ممَّا تجِدُ
واستبدّت مـرّة واحدةً • إنّما العاجز منْ لا يَسْتَبِدْ
فحرف الدّال في الحقيقة مشدّد فنقول " يستبدّ " غير أنّ الوزن فرض تخفيفَ المشدّد فقال: " يَسْتَبِدْ ".
ـ تشديد المخفّف: ومنه قول الشّاعر:
أهان دَمَّكَ فَرْغاً بَعْدَ عِزَّتِهِ • يَا عَمْرُو بَغْيُكَ إِصْرَاراً عَلَى الْحَسَدِ.
فبدافع الوزن اضطرّ إلى تشديد المخفّف، فبدل القول " دَماً " مخفّفة الميم، شدّدها وقال " دَمّاً ".
3. تنوين الممنوع من الصّرف: قال إيليا أبي ماضي:
حجر أغبرٌ أنا وحقير • لا جمالا لا حكمة ولا مضاء.
فقد نوّن الرّاء في قوله " أغبرٌ " وهي على وزن أفعلُ وما جاء على هذا الوزن يمنع من التّنوين مثل: أحمرُ، أصفرُ، أفضل، أكبرُ... فقد جاز له ما لا يجوز لغيره وهذا للضّرورة الشّعريّة.
4. جعل همزة القطع همزة وصل، وهمزة الوصل همزة قطع:
ـ جعل همزة القطع همزة وصل: ومنه قول البحتري:
فلو انّ مشتاقا تكلّف فوق ما • في وسعه لسعى إليك المنبر.
فقد اضطرّ إلى جعل همزة القطع أن همزة وصل ان وهذا كي يستقيم الوزن.
ـ جعل همزة الوصل همزة قطع: ومنه قول جميل:
ألا لا أرى إثنين أحسن شيمةً • على حدثان الدّهر منّي ومن حُمْلِ.
فقد اضطر الشّاعر إلى جعل همزة الوصل " اثنين " همزة قطع " إثنين" وهذا للضّرورة الشّعريّة.
5. قصر الممدود، ومدّ المقصور:
ـ قصر الممدود: ومنه قول الشّاعر:
يسرّ الفتى طولُ السّلامَةِ والبقا • فكيف يرى طولَ السّلامَةِ يفْعَلِ ؟
فقد لجأ إلى قصر كلمة البقا والتي أصلها البقاء حتّى يستقيم له الوزن من بحر الطّويل.
ـ مدّ المقصور ومنه قول الشّاعر:
سيغنيني الذي أغناك عنّي • فلا فقرٌ يدوم ولا غناء
فقد اضطرّ الشّاعر إلى مدّ كلمة غناء في آخر البيت والتي أصلها غنى حتّى يستقيم له البيت من بحر الوافر.
6. الوقوف على المنوّن بحذف الألف: ومنه قول الشّاعر:
ألا حبّدا غُنْمٌ وحُسْنُ حديثها • لقد تركت قلبي بها هائما دَنَفْ.
لقد اضطر الشّاعر إلى الوقوف على المنوّن في كلمة دَنَفْ والتي أصلها منصوبة: " دنفَا "حيث حذف ألفها فأصبحت دَنَفْ وهذا دائما قصد استقامة الوزن.
الضّرورة بالزّيادة: ومنه قول الشّاعر:
أعوذ بالله من العَقْرَابِ • الشّئلات عُقَدِ الأذْنابِ
فقد اضطرّ إلى زيادة الألف بعد الرّاء في كلمة " عقراب " والتي أصلها " عقرب " من أجل استقامة الوزن، و إحداث حرس موسيقيّ بسبب توافق الكلمتين الواردتين في صدر البيت وعجزه وهي " العقراب والأذناب " ويسمّي بالتّصريع.
صرف ما لا ينصرف، منع ما ينصرف:
أـ صرف ما ينصرف ( صرف الممنوع من الصّرف). كقول الشّاعر:
وسدّ بحيث ترقى الشّمس سدًّا • لياجوجٍ وما جوجَ الجبالاَ.
فقد صرّف الممنوع من الصّرف في قوله ياجوجٍ إذ قام بتنوينها حتي يستقيم له الوزن من بحر الوافر.
ومنه أيضا قول الشّاعر:
نَلْقَى المَنُونَ حَقَائِقًا وَكَأَنَّنَا • مِنْ غِرَّةٍ نَلْقَى بِهِنَّ شُكُوكَا
فقد اضطرّ الشّاعر إلى مخالفة الأصل في قوله " حقائقا " فهي صيغة منتهى الجموع وممنوعة من الصّرف لأنّها تكون في الأصل " حَقَائِقَ " على وزن " مفاعلَ " غير منوّنة لكن الشّاعر قام بتنوينها ليستقيم وزن البيت.
ب ـ منع المنصرف: كقول أبي نواس:
حَاشَا لِدُرَّةَ أن تُبنى الخيامُ لها • وأن تروحَ عليها الإبلُ والشّاءُ.
فقد جعل لفظة " دُرَّةَ " كالعلم المؤنّث الممنوع من الصّرف وهي في الأصل متصرّفة ويمكننا جرّها بحرف الجرّ